استيقظت صباح اليوم و انا اشعر بصداع و اوجاع رهيبة بكل انحاء جسدي, تبا لها انها
الانفلونزا !!!حاولت ان انهض من فراشي , الملم بعضي من اجل صنع كوبا من القهوة.
اتصلت بيارا اخبرها انني لن استطيع الحضور اليوم و اذكرها بالمهام التي يجب انجازها
لهذا اليوم....الو صباح الخير يارا....اهلا مريم كيفك....اجبتها بصوت واهن انا بخير
رغم مداهمة زيارة غير مرغوبة للانفلونزا....ردت علي بقلق حقيقي يا الهي سلامتك
الف سلامة, بس انتي متأكدة انها انفلونزا؟ ...اجبتها و انا ابتسم من قلقها نعم كل الدلائل
تشير الي ذلك....,طيب عايزة مني شي, تحبي اجي اوديك الدكتور او اجيب ليك دواء و
لا حاجة....لا شكرا انا اكره الاطباء و الادوية,انا حاحاول بس اني ارتاح بقية هذا
اليوم....طيب خلي بالك من نفسك....انشاء الله و انتي كمان.
عند الساعة الخامسة استيقظت علي جرس الباب...تحاملت علي نفسي لاري من
الطارق...اتتني اصواتهم دفعة واحدة...اهلا مريم سلامتك الف سلامة...اهلا بكم
تفضلوا...دلفت يارا تتبعها مها و انتظر احمد قليلا قبل ان اشير اليه مرة اخري
بالدخول...رغم اجهادي الشديد الا ان زيارتهم اسعدتني...لم احس انني استقبل ضيوفا بل
بالعكس اسياد بيت..ذهبت يارا و مها للمطبخ لتعدا لنا الشاي و تفاجأت ان يارا تعد لي
شوربة خضار...بعد تناولنا الشاي قالت يارا بطريقة شبة اعلانية ان علي احمد ان يقوم
بتوصيل مها للموعد المفترض عليها اللحاق به و انها سوف تبقي قليلا مع مريم..ازداد
اندهاشي و توتري ايضا...احسست انها تتصرف معي باحساس الام القلقة علي ابنتها
تود الاطمئنان انها بخير..و زاد من توتري ان ابقي معها وحيدة بالمنزل...المرض عادة
يمتص اي مقدرة لي في التفكير او التصرف السليم و لم اشاء ان تبقي يارا معي بكل تلك
التناقضات الوجدانية التي احملها اياها.....نهض احمد و مها و ذهبا بعد عبارات الوداع و
الاطمئنان التقليدية...التفت الي يارا مبتسمة...يلا بلاش دلع شدي حيلك كده و امشي
اخدي دش عشان تحسي انك منتعشة شوية....المرض يا مريم احساس داخلي اكتر من
انو مرض عشان كده لازم الواحد يقاومه بشتي الطرق, علي بال ما تنتهي اكون
خلصت الشوربة...ضحكت انا من لهجتها الآمرة و قلت لها بصوت ضاحك حاااااضر يا
دكتورة يارا...ضحكنا سويا ضحكة عميقة و حقيقية.ذهبت يارا بعد ان تحدثنا قليلا في
بعض امور العمل و بعد انا تأكدت انني اويت الي فراشي و وعدتني انها ستمر علي غدا
للاطمئنان علي...كان وجودها معي سببا حقيقيا لتحسن حالتي.
صباح اليوم التالي جاء احمد للمكتب متأخرا بعض الشئ ليعلن انه اضطر الي الذهاب الي
المطار لاستقبال ابن عمه نور التي تزور المدينة...حمدا علي سلامتها...الله يسلمك يا
مها, وين يارا الليلة؟...مشت تعمل مقابلة بخصوص مشروع الاسكان الشعبي...اهااا
نسيت انا الموضوع ده...استمر اليوم رتيبا حتي حضور يارا التي جاءت بكم هائل من
الاوراق و المستندات التي عليهم ترتيبها و تنسيقها.
عقب الدوام ذهبت مها و يارا الي مريم و اضطر احمد للعودة الي المنزل لقضاء بعض
الوقت مع ابنة عمه.في الطريق تدور بين مها و يارا احاديث عامة تتخلها سيرة احمد من
حين لاخر...فجأة تملك مها شعور ان تسأل يارا ان كانت تحب احمد...لا تدري ماسر
هذه الرغبة المفاجئة الا انها قررت ان تنهي حيرتها المؤلمة...انتي بتحبيه يا
يارا؟...تساءلت يارا مرتبكة منو؟؟..و اجابت مها باصرار متوتر احمد !!...زاد ارتباك
يارا الي انها اجابت بصوت خافت مستسلم مش عارفة بس انا منجذبة اليه و لشخصيته و
كل حاجة فيه...شعرت مها بانقباض لم تستطع تفسيره, منعها من مواصلة الحديث فبقيتا
صامتتين طوال الطريق حتي وصلتا عند مريم.
في طريق العودة اخبرت مها يارا انها ذاهبة لمشوار ما...اجابتها يارا متسائلة و محتارة
في آن واحد لانها لم تشير الي ذلك من قبل...ماشة وين؟ ...ماشة اشتري شوية
حاجات.اجابتها يارا و هي مندهشة من طريقتها في الكلام...و يعني ما ينفع اجي معاكي و
لا شنو؟...اجابتها مها بضيق واضح لا ما ينفع يا يارا!!
استغربت يارا من سلوك مها الا انها رأت الا تناقشها في قرارها و واخبرتها انها ستكون
بانتظارها بالبيت.عندما استدارت يارا ذاهبة احست مها انها تتصرف مع يارا
كالاطفال ,فكرت ان تناديها و تعتذر الا ان انها عدلت عن ذلك في اللحظة الاخيرة و
ذهبت.
تجولت مها قليلا في المحال التجارية في شارع الجمهورية ,لم يكن في نيتها شراء شئ
محدد فقررت ان تذهب الي مقهي مجاور و تبقي قليلا لاحتساء كوبا من عصير الاناناس,
مشروبها المفضل.
ذهب احمد الي المنزل ليجد ان والدته و نور في انتظاره بالغداء, و وليمة عامرة ملئية
بالاكلات الدسمة الملئية بالبهارات اعدتها والدته احتفاءا بقدومها.منذ صغرهما كانت علاقه
احمد و نور علاقة اخوية حميمة و مميزة دون عن بقية ابناء عمومتهما, ربما لتشابههما
في كثير من الهوايات و طرائق التفكير...جلسوا جميعا لتناول اكوابا من الشاي بالنعناع و
نور تحكي عن عملها المتعب و رغبتها في قضاء اجازة ممتعة و احمد يحكي لها عن
المعهد و عن زميلاته بالعمل يارا و مها و مريم...اضاف انو سيدعوها لزيارته بالمعهد
للتعرف عليهن, اجابت بكل سرور اود ذلك فعلا.
صباح اليوم التالي تفاجأ الجميع بحضور مريم للعمل....ابتدرتها يارا قائلة ليه يا مريم
جيتي كان احسن ترتاحي كمان الليلة...و الله يا يارا زهجت من رقدة السرير وكمان
حاسة اني احسن...استمر اليوم رتيبا و مليئا بكتير من الواجبات...رن هاتف احمد عند
الرابعة...الو...اهلا احمد...اهلا نور كيفك...الحمد لله , لقيت نفسي زهجت من التجول
في المحال التجارية و حسيت انني ماشة من غير شغلة و لا مشغلة قلت امر عليك بالمعهد
نرجع البيت سوا....جدا, انا كمان نص ساعة كده و اكون خلصت. اعلن اليهم احمد انه
سيعرفهم اليوم بابنة عمة نور..قالت مها اهااا فرصة طيبة و الله و اضفت انا كويس اننا
نلتقيها, ايه رأيكم نمشي نتغدي كلنا بالمطعم بتاع المرة الفاتت؟...اجاب احمد والله فكرة ثم
اضاف ضاحكا علي الاقل نهرب انا و نور من وجبات امي الدسمة و الحراقة...ضحك
الجميع, ضحكت يارا ضحكة خفيفة و مجاملة و هي ترمق احمد بنظراتها و احساس قلق
ما يزحف اليها...رمقتها مها بنظرة جانبية فهي تفهم ما يدور برأسها من مشاعر قلق و
غيرة من الزائرة الجديدة ...مرة اخري تحس مها بضيقها من فكرة اعجاب يارا باحمد.
وصلت نور هاشة و مفضية علي المكان جو من المرح و التلقائية, حيت الجميع بشكل
لطيف جدا و ابدت شكرها العميق لدعوتهم.و لم تخفي نظرتها الممعنة في الانجذاب تجاه
مها.
جسلت انا منزوية قليلا اذ تواصل حوار يارا و احمد حول لوحات يارا و تواصل حوار
بين مها و نور لم اهتم او استطع ان اتابعه...ارهاقي من المرض مازال يتعبني قليلا و
ارهاقي النفسي من التفكير بيارا و حالة اشبه بالغيرة من علاقتها باحمد يزيدان من رهقي.
تواصل حديث نور و مها اللتان وجدتتا نفسيهما في حالة انسجام تام بعد ان اكتشفتا انهما
تقرأن لنفس الكاتب المفضل و تطربان الي نفس نوع الموسيقي....تعرفي يا مها انا عندي
كولشن كبيرة جدا بتاعت جاز و اعرف كمان محل في وسط البلد بيبيعها لو عايزة ممكن
نمشي ليه سوا....و الله تكوني عملتي فيني خدمة كبيرة. اكون فعلا شاكرة لاني من زمان
باحاول القي محل زي ده , شكرا كتير ليك يا نور....لا العفو بتشكريني علي شنو بس ده
انا السعيدة اننا اتقابلنا....بعد ان تبادلتا ارقام الهواتف احست مها بالارتياح ان نور
انتشلتها من حالة التوتر من احاديث يارا و احمد الجانبية كما انها سعدت سعادة حقيقية
بمعرفة نور.
قضي الجميع يومهم التالي في زيارات ميدانية و عادوا الي المكتب بعد الظهيرة.رن جرس
مها...اهلا نور..رفع كلا من احمد و يارا حاجيبهما تساؤلا....ترمقهما مها و هي تقول
ايوة مافي مانع مري علينا الساعة خمسة و انا امشي معاكي.بعد انهاء المكالمة اجابها احمد
ضاحكا... ابنة عمي العزيزة بقت تجي المعهد من غير ما تديني خبر كمان...اجابته مها
بضحكة و لهجة طفولية تنم عن اغاظة ...يا سيدي راحت عليك ده بقي حكي بنات بقي و
حضرتك تطلع منو...ضحك الجميع .
احست يارا بارتياح شديد لكون ان مها تبعد نور بمشاويرهما عن احمد, رغم انها لم تحس
ان بين احمد و نور شئيا ابعد من الصداقة الا انها لم تمنع نفسها من القلق.جاءت نور
هاشة كعادتها , اخذت مها و ذهبتا لوسط البلد. بعد انتهائهما من التسوق اقترحت نور
علي مها ان تعرجا علي مقهي مجاور لتناول شئيا.... وافقتها مها علي الفور اذ كانت
تشعر بعطش شديد.دخلتا الي مقهي لطيف و بسيط في اثاثه, منسقة الوانه بطريقة مريحة
للعين.عندما اتي النادل اخبرته نور انها عايزة عصير اناناس ثم التفت الي مها متسائلة
تشربي شنو يا مها؟....تفاجأت نوربضحكة مها الشديدة و هي تقول لها ..انتي كمان
بتحبي الاناناس , ده مشروبي المفضل....ابتسمت نور من ضحكة مها و نظرت اليها
بحنان غامر و هي تحاول ان تخفي شعور دافئ و حنين يتسلل اليها و هي ترقبها
باهتمام !!!!