Thursday, February 21, 2008

قارئة الطالع 3

والدي من نوع الاشخاص الذين يفرقون من بين عملهم و علاقاتهم الاجتماعية,بقدر ما يحبه الناس كشخصية اجتماعية الا انه حازم جدا مع الذين يتعاملون معه في التجارة, لا ادري ربما هذا ما جعله ناجحا في عمله.احيانا اهابه عندما اراه يتحدث الي احد و تختفي هذه المهابة لتتحول الي محبة عميقة عندما تتيح له سانحة لنجلس سويا و يحدثني كيف اوقعته امي في شباك غرامها. يا الهي احيانا افتقد امي بشدة.ذاكرتي تجاهها كقطع سحاب متناثرة هنا و هناك.حدثين اتذكرهم بكل وضوح ,انني يوما جرحت اثناء لعبي مع الاطفال في الشارع فجري اليها احدهم يخبرها بذلك .جاءت تجري من البيت تبكي و علي وجهها فزع واضح, حملتني و اشارت الي احد الخادمات ان تسرع في مناداة الطبيب, لم يكن الجرح عميقا الا ان امي اصرت ان ابقي في سريري لمدة اسبوع كامل دون حراك و قضت تلك الليالي السبع بجانبي .اه كم سعدت بجرحي في ذاك الوقت.الحدث الاخر كنت في صحبة بعض الاصدقاء نتبضع في السوق عندما استوقفني سائق والدي و اخبرني ان علينا العودة فورا الي المنزل.ذهبت و انا لا ادري ما العجلة,عندما وصلنا رأيت والدي متجهم الوجه و معه عدد من الرجال لم استطيع تمييزهم ربما بسبب توتري علي الارجح,جريت الي حجرة امي وجدتها راقدة في فراشها و تعب بين في ملامحها و وهن, الي جوارها الطبيب,فزعت جدا الا انني لم اقل شيئا و لازمت حجرتها طوال ثلاث ليال دون ان اسألها مابها و دون ان تستطع هي اخباري لألمها الشديد حتي ان ايقظني ابي صباح اليوم الرابع و انا مستلقية بجوارها احمل حقيبتها الجلدية المزركشة ببعض الاصداف البحرية و جلد الماعز التي اهدتني اياها,أمرني ابي ان اذهب الي حجرتي فرفضت و قلت له انني اود ان ابقي الي جوار امي, نهرني بقوة و امر الخادم باخذي عنوة الي غرفتي, لم افهم سر خشونة ابي في ذلك اليوم و لا سر تواجد كل هذه الاعداد الغفيرة من الناس طوال الايام التي تلته, كل ما اعرفه اني لم استطع رؤية امي مستلقية في فراشها ابدا بعد ذاك اليوم. اخذت ارتب مع سارا حاجياتها التي ستأخذها معها الي منزلي,جاء زوجها في هذا الاثناء و اعطاها بعض من النقود و اخبرها انه سيقوم باتمام اجراءت طلاقها في الايام القادمة و شكرني بكلمات مقتضبة و خرج.حتي ذلك الوقت لم اكن ادري مدي المها حتي لمحت دمعاتها تفر من عينيها, وضعت الحاجيات جانبا و احطها بذراعي و انا اواسيها و اخبرها الا تحزن فهي جميلة و صغيرة السن و بلا شك ستجد لها زوجا اخر. انفجرت باكيا و هي تقول انا حزينة لحالي لا عليه هو,قلت لها لابأس انا اعرف انك احببته ووو....قاطعتني بحده و هي ماتزال ملقية برأسها علي كتفي , لا انا لا احبه! .لم ادري ماذا اقول فصمت. بقينا هكذا برهة فأردت ان اكسر حاجز الصمت اللانهائي,قلت لها هل تشعرين انك ستكونين بخير في صحبتي؟ اجابتني و هي تزيح نفسها قليلا عني لتواجهني باتسامتها الهادئة (نعم !!!) شكرتني و هي ممسكة راحت يدي بكلتا يديها قبلتها بعمق اثار في بعض الهواجس و الاحاسيس المبهة ثم تركتني بلا اجابات شافية لهواجسي او احاسيسي
!!! احيانا احس بالغربة و انا داخل منزلي ,عدد كبير من الاشخاص الذين يدخلون و يخرجون لاغراض مختلفة تخص عمل والدي بعضهم رجال و بالبعض الاخر نساء,بعضهم يبقي لساعات و البعض قد يقضي ايام و شهور في هذا المنزل الواسع ,و لكني لم احاول اصنع علاقة خاصة او ذات بال مع اي منهم, كلهم بالنسبة لي عابرون,تناديني سارا عبرباب الغرفة الموارب,اسمعها تقول انها انتهت من ترتيب حاجياتها و تود ان تساعدني في بقية مهامي المنزلية ان كنت ارغب في ذلك. اليوم صحو و ان كان يغلب عليه الطابع الخريفي,برودة خفيفة و رطبة,اختلاط رائحة اشجار الياسمين و هواء البحر يعطي للمكان نكهته الخاصة. خرجنا في الصباح نحو السوق لنشتري بعض الحاجيات التي نحتاجها للمنزل كما انني اردت ان اخذ سارا لتشتري ما تحتاجه لاقامتها هنا.في الطريق قصدنا محل لبيع القماش ثم عرجنا علي سوق الخضار و الفاكهة وخرجنا منه الي سوق السمك الذي لا يبعد كثيرا عن سوق العطارين,فكرت ربما نحتاج شيئا من هناك فقررت الذهاب الي عطاري المفضل.ابتعت بعض الاشياء من عطراللافندر و زيت لوز و اوراق نعناع جافة,رأيت سارا تحدق بشئ ما , قلت لها و انا مازلت اقلب في البضائع ان عليها ان تأخذ ما تريد ,اجابتني و هي ممسكة بزجاجة لخليط من زيت الحبة السوداء و القرفة ان علي ان اشتريها لنفسي, نظرت اليها متساءلة قالت و هي ترمقني باتسامتها الهادئة انه مريح للاعصاب و الجسد,اخذتها دون ان اسأل ووضعتها في سلة المشتريات. قفلنا راجعين البيت بعد يوم طويل و مرهق و كلي امل ان احظي بقليل من الوقت عند عودة ابي لأعرفه بضيفتنا الجديدة
. اعتادت سارا علي المكان ووجدت طريقها الي قلب سكانه.اراها في الصباحات تساعد الجميع في ترتيب المنزل وفي المطبخ طوال اليوم تعد الطعام للضيوف و الزوار الذين لا ينقطعون عن الزيارة.عند الظهيرة تتناول غداءها معي نتحدث قليلا ثم تختفي مرة اخري بحجة انها لا تود ازعاجي, لا ادري لماذا كلما غابت كلما افتقدها اكثر.اخبرتها في صباح احد الايام انني اود ان اعلمها كيف ترسم و تطرز قطع القماش كما كانت تفعل والدتي,رأيت في عينيها حماسة و اهتمام و اجابتني انه من دواعي سرورها,هكذا عرفت كيف ابقيها الي جانبي طوال الوقت.احكي لها عن امي و عن ايامي وحيدة في هذا المنزل الممتلئ بالبشر و كيف انني اكتشفت و تعلمت قدراتي في قراءة الطالع و تحكي لي كيف فقدت اسرتها و كيف كانت تسير حياتها قبل الزواج
. مرت الشهور بسرعة و جاء الشتاء برياحه الباردة و نهاراته القصيرة, قلت زياراتي الي اهل المدينة بسبب قسوة الطقس كما انني بدأت احس باثار الشتاء الآما في عظامي.سألتني سارا و هي مستلقية بجانبي علي السرير نستمتع بدفء الغرفة ونستمع الي اغنيات قديمة عبر المذياع,سألتني ان كنت اذكر اين احتفظت بتلك الزجاجة التي اشتريناها من سوق العطارين, عقدت حاجبي و انا انظر اليها نظرة متساءلة, اردفت قائلة تلك الزجاجة التي بها خليط زيت الحبة السوداء و القرفة,اجبتها و انا افكر ما المناسبة التي جعلتها تذكرها الان انها في خزانتي,ذهبت الي الخزانة و احضرتها , امرتني ان استلقي علي السرير و ازيح بعضا من ملابسي حتي يمكنها ان تمسح الزيت علي جسدي قائلة انها هذا سيساعد في تخفيف الآم الشتاء,اطعتها دون ان اسأل
. لا ادري هل هو احساس الشتاء الذي يغريك بالبحث عن الدفء ام هو تأثير الزيت المذهل علي جسدي او ربما هي اصابع سارا تمر في جسدي علي مهل و باتقان مثيران للراحة والشهوة في آن واحد.لا ادري ماهو ذلك بالضبط ,كل ما اعلمه انني نمت كما لم انم طوال حياتي
. رن جرس هاتفي.وضعت الكتاب جانبا و رفعته لارد عليه,جاءني صوتها من الطرف الاخر عميقا و واضحا(اهلا و سهلا ...اسفة لازعاجك معك دكتورة سارا....تقابلنا بالامس في الورشة عند قاعة الافطار و لم استطع ان القاك في نهاية اليوم......اذا لم يكن لديك مانع اود ان اراك مرة ثانية) اجبتها و انا مبتسمة نعم يسرني ان التقيك !!!!اضافت قائلة انها ستحضر لي كتابا تودني ان أقرأه....اغلقت سماعة التلفون و انا اشكرها. عدت مكاني و قد تحولت ابتسامتي لضحكة فجائية وانا اقفز كالاطفال مأخوذة باتصالها و بكتابها المرتقب و بفرحي انني اخيرا تذكرت اسم العطر الذي كانت ترتديه يوم امس.......شئ ما يجعلني اكون كالاطفال عندما يتعلق الامر بذاكرتي الخربة!!!
مازال للحكي بقية......... يتبع لمتابعة قارئة الطالع (1) و (2)انقر علي الرابط ادناه

10 comments:

سمـــــــــا said...

اخيرا اول تعليق احمدك يا رب :)

طبعا مش هقولك ان الجزء التالت تحفة برضه والا بقى هتتغرى ومحدش هيعرف يكلمك
:)

لأ بجد تحفة وشكلى كوميدى وانا قاعدة اقرا وقلبى عمال بيدق شكلى تقمصت دور البطلة :))

وصفك جميل بجد ومش عارفة اقول ايه غير انى فعلا استمعت اوى بالجزء دا ولو سمحتى ابعتيلى القصة فى الـ DHL علشان انا عضمة كبيرة والضغط لو على هيبقى ذنبى فى رقابتك .

انا لاحظت حاجة بس مش عارفة انا جالى تهيأت واللا حقيقى الا وهى ان بطلة القصة اللى اتطلقت اسمها سارا والبنت اللى اتصلت فى التليفون اسمها سارا برضه ؟؟ دا حقيقى واللا تهيآت منى ؟؟

تحياتى يا جميلة ومتتأخريش بالجزء الرابع

جسور سرية said...

سما يا سما
:)
يا مرحبا يا مرحبا
الله يخليك يا سيتي و ما تخافي علي ما حتغر و لا حاجة بس حأحاول اخلص القصة بسرعة مادام هي عاجبة الناس كده
:)
ايوة بطلة القصة الاولي اسمها سارا و برضو بطلة القصة التانية .....ما اصلي انا قصتي عاملة زي هيد اند شولدر
2 in 1
ها هاها

امرأة من حروف said...

مرحبا
رغم انني حاولت الا اعلق قبل ان تنتهي هذه القصة الجميلة
لكن لم اتمالك نفسي حقيقة قصة رائعة و مشوقة و اظن ان الحظ سيلعب لصالح البطلة و ربما تلك الرواية لها سر خفي في ان تجد البطلة حبيبة )يارا( ...
لن اطلق لخيالي العنان و إلا ساكتب قصة هنا ان الخرى هه
طريقتك رائعة سانتظر التتمة
تحياتي

kasber said...

أحب قصصك
هكذا وببساطه ..أعشق الكتابات التي تجعلني أسرح معها في صور للأماكن والاشياء
تدفعني ن ألتقط انفاسي وأعدو وراء السطور..واقف حائره عند كلمة للحكي
بقيه
أنتظر البقيه
من رقة وجمال قلمك

Anonymous said...

ya qahla2 ya qahla2:
ezayek ya zolah how is everything,walahy ya benty ana mat7onah o so busy i wnet on monday 2 magic mountain 3ala el freeway beta2 san francisco as it was off bcoz the president day,and the i wnet tuesday 2 my uncle and i stayed with them a,l the day and the other days i've been bust between stduing and workin,i had an exam last week bas el 7amdo leah i got 46 over 50,mesh ba2olek smart hahahaha
ya basha el sory bgad faze3ah nefsy awy tekamelaha ba2a ,o ya sety ya ba7'tec b sarah o ya ba7't elly 2et3amala masgae b el oil ,
matshoufely sara deh feen ya benty enty walahy ana me7tagalha
el mohejm ya amar walahy wa7shany awy o in shaa allah im gonna call u after paing my phone bill,asl i have 2 pay my school and my rend these days so may be im gonna pay the bill in two weeks
salam ya amar

جسور سرية said...

العزيزة امرأة من حروف
شكرا لصبرك الجميل علي
لا اطلقي العنان لخيالك لعل ذلك يلهمني في اتمام هذه القصة
:)

جسور سرية said...

العزيزة كاسبر
شكرا لحبك و عشقك لقصصي و كتاباتي...اتمني و بصدق ان اكون دائما عند حسن ظنك الابداعي بي

جسور سرية said...

العزيزة سولا
اين انت يا امرأة؟
اختفيتي تماما......انشاء الله خير
و الف مبروك علي النتائج الحلوة في الامتحانات عقبالي يا رب
:)
يا ريت كنا نقدر نعمل مصنع لانتاج ( السارات) ربما كان ذلك سيقلل من انتاج الادوية المسكنة
ها ها ها

Ali said...

سلام جسور سرية

"
احيانا احس بالغربة و انا داخل منزلي ,عدد كبير من الاشخاص الذين يدخلون و يخرجون لاغراض مختلفة تخص عمل والدي بعضهم رجال و بالبعض الاخر نساء,بعضهم يبقي لساعات و البعض قد يقضي ايام و شهور في هذا المنزل الواسع ,و لكني لم احاول اصنع علاقة خاصة او ذات بال مع اي منهم, كلهم بالنسبة لي عابرون
"
قصه جميله جدا واكثر مااستوقفني المقطع بالاعلى على حسب فهمي فهو تعبير جميل جدا عن الوحده الوجدانيه

في انتظار البقيه

جسور سرية said...

العزيز علي
مرحبا بك هنا
نعم الوحدة احساس داخلي احيانا ننقله معنا و نحس به حتي في اشد الاماكن ازدحاما