Wednesday, February 13, 2008

قارئة الطالع 2

اصوات مختلطة تأتيني عبر النافذة الخشبية تداهم نومي صخبا, تذكرني باهمية الاستيقاظ و الاستعداد المبكر ليوم تبدأ مشقته من عناء اختيار ملابسي انتهاءا بالتركيز الشديد كشجرة قديمة لا مجال لها للهروب و لا مفر لها سوي التحديق الاخضر و انتظار العابرين.
اتأكد ان اوراقي مرتبة و ان حقيبتي ممتلئة بكل ما احتاجه ليومي الطويل,احرص علي حمل الة التسجيل حتي عندما اكون متأكدة انه لن يكون هناك وقت للاستماع و احمل كتابي باصرار مفعم بالرغبة في قليل من وقت الراحة.
المكان المخصص لورشة العمل ليس فخما للغاية الا انك تحس فيه بالالفة و التميز.احب في الجدران الالوان الهادئة و الواضحة في آن واحد,اذكر كم كنت اجادل صديقتي في محبتها للون الرمادي اذ رغم هدوئه الا انني اعتبره لونا باهتا, كم كانت تغيظني و تقول انني اعتبره كذلك للاختلاط المفاهيمي الذي تعطيك اياه المفردة و التي تكون في كثير من الاحيان تعبيرا عن الشخص الغير واضح او المواقف غير الحاسمة( يا ابيض يا اسود) كما يحلو لها تسميتها. نعم اعترف ربما فكرة الوسطية في اللون الرمادي هي ما يرهقني و لكني من حيث الرؤية و الضوء مازلت اراه لونا باهتا.
في مثل هذه المناسبات الاكاديمية اتردد فيما كان من الافضل انجاز مهمة تناولي افطاري باكرا ام من الافضل ارجاؤها الي حين.احيانا تداهمني الرغبة في الاكل بشكل مريع ,تشتت تفكيري و تحول افكاري الي عناصرها البدائية جدا.
حسمت احدي الحضور تفكيري بتحية صادقة ( صباح النور.....سعدنا جدا بوجودك معنا....هل لديك مانع ان اشاركك طاولة الافطار؟)...(ابدا بالعكس من دواعي سروري.....تفضلي)اجبتها و انا مأخوذة برائحة عطرها الخرافي.....احاول اثناء ابتسامتي المرحبة ان احاول تذكر أسم هذا العطر الجميل.
اثناء الافطار تبادلنا احاديث عابرة عن اهمية ورش العمل هذه و التي تتيح تبادل الخبرات و المعارف الاكاديمية للمهتمين بالعلوم الانسانية و كيف ان حياتها في عدد من دول امريكا اللاتينية ساعدتها في اكتساب خبرات كثيرة حول عادات هذه الشعوب و ثقافاتها,اخبرتها بدوري عن اهتمامي بالدراسات التاريخية و فنون الرواية و السرد ,ثم تذكرت قارئة طالعي ,قفز في ذهني ان اعيرها الكتاب لتقرأه.
رن جرس هاتفها مقاطعا حديثنا....استأذنت و عدت انا اصارع ذاكرتي في تذكر اسم ذاك العطر. لا ادري لماذا تتملكني احيانا رغبات جنونية في تذكر اشياء اعرف تماما انني لن اتذكرها او انه لا هدف محدد من محاولة تذكرها.
اراقب حركات يديها و هي تتحدث بانفعال لكن بصوت خفيض الامر الذي يجعلها جذابة جدا و مفعمة بالحيوية و الثقة .شئ ما يجذبني للنساء اللائي تعبراجسادهن عن افكارهن اكثر من الكلمات.
افتح حقيبتي و اخرج الرواية احاول ان اقرأ قليلا ريثما تعود.افتح الصفحة المطوية بعناية في نهاية الجزء الثاني من الرواية و اواصل الاستغراق في لقاء قارئة الطالع بالزوجة العقيمة كما يصفها الزوج.
قالت قارئة الطالع و هي ممسكة بيد المرأة انها لا تريد شيئا و انها ترغب في محادثتها.استسلمت لاصرارها الفتاة و عادت لتجلس في مكانها.هكذا انتهي الجزء الثاني من الرواية ليبدأ جزءها الثالث ليواصل السرد علي لسان حال قارئة الطالع.
ذهبت في ليلتي تلك لفراشي و انا احس بالارهاق ربما هو الاستيقاظ الباكر و ربما هو التفكير بها و بمأساتها المؤكدة. لا يوجد رجل في مدينتي يبقي في بيته امرأة لا تنجب....ماذا ستفعل و الي اين ستذهب و هي كما تقول تربت في ملجأ للايتام ليس لديها اقارب سوي ابنه عم تعيش مع زوجها في بيت عائلته و لا تعتقد ان وجودها معها سيكون مرحبا به تماما....احاول ان افكر بما سيكون رد والدي ان طلبت منه السماح لها بالاقامة معنا.....يمكنها ان تؤنس وحدتي و تساعدني في اعمال المنزل....فكرت بهذا و انا اوي لفراشي.
استيقظت عند الظهيرة .الشمس لافحة هذا النهار رغم البرودة النسبية للجو,رائحة البن القوية تفوح من البيوت المجاورة ,تتخلل الهواء اصوات الاطفال يتلاعبون في الساحة و النسوة يتبادلن الحكايا و الاخبار.
لبست ملابسي قاصدة منزلها.فتحت لي الباب بابتسامة هادئة و انا ارقبها باهتمام و شفقة.لم تحاول هذه المرة ان تجاملني بالسؤال بل جلست مستسلمة كأنها سجين يترقب حكم قاضي غير رحيم البتة.
فضلت ان لا اطيل انتظارها. (يسعدني ان تنتقلي للاقامة معنا اذا لم يكن لديك مانع) و استطردت في شرح دوافعي دون ان اجرح شعورها.( تعرفين انني اقيم وحدي مع والدي المشغول دوما بعمله و انني.......)قاطعتني قائلة و ابتسامتها الهادئة لم تفارقها (متي تريدني ان ارحل؟) لم اكن ادري ان الامر سيكون سهلا هكذا, اخبرتها و انا أداري فرحة غير مفهومة (الان ان شئتي !!!)
عادت محدثتي الي الطاولة بعد انتهاء محادثتها التلفونية,اغلقت صفحة الكتاب واستمعت اليها و هو تشكو ضيق ذرعها بالمكالمات التلفونية و تعتذر عن التأخير, اجبتها و انا انظر الي الساعة ( لا عليك و لكن يجب علينا الدخول الان فالورشة علي وشك الابتداء)!!!تقدمتني بخطي متئدة نحو القاعة تاركة داخلي احساس بالالفة العميقة و عطر لا استطيع تذكر اسمه !!!
مازال للحكي بقية......... يتبع
لمتابعة قارئة الطالع (١) انقر علي الرابط ادناه

8 comments:

kasber said...

لا أدري لما احب عندما يختلط الراوي بقصته..وتتوه التفاصيل..بين السرد وبين الحلم
بين قارئة الطالع
وبين الفتاه العصريه
لا زلت احب كتاباتك وانتظر دوما لمزيد

Anonymous said...

2eh el 7arakat deh ba2a:
howa ya3ny 3asha meh dafa3t el fatora tenazely el part e geded without tellin e,2eh el 7arakat deh ba2a mashy ya set sama7 el marady
fenek 3ala fekrah ba2aly kteer mesh basoufek online
3omoma2 waashteny feh song 3ayza 2asama3halek yafandem
yalla 3omoma2 i like this part bas plz ba2a kamely el 7adotah ya zolah plz
salamoz
and happy valantine

جسور سرية said...

العزيزة كاسبر
هذه هي الحياة تتوه فيها الاشياء و تختلط تفاصيل الواقع باشراقات الحلم!!!
سعدت بمرورك هنا ....رجاءا لا تغيبي
كوني بخير

جسور سرية said...

العزيزة سولا
يا مرحبا يا مرحبا
معليش انا قلت اعملها مفاجأة و انزل الجزء التاني (:
انا بخير و الحمد لله
سأنتظر اغنيتك
و كل عام و انتي بخير

سمـــــــــا said...

يعنى اخبط راسى فى الحيط بسببك ؟؟ ايه الـ suspense دا ؟ يعنى اسيب الشغل والبس النضارة واقعد بقى اسابق الاحداث الاقيكى رحتى قافلة الكتاب وخاطفاه من ايدى وجارية ؟؟ ينفع كده يعنى ؟؟ :)

بجد حلو اوى اوى اسلوبك والاختلاط بين احداث القصة الحقيقية والرواية مشوق نظام اركز فين واللا فين واللا فين يا ناس :))

مستنية باقى القصة لو سمحتى دفعة واحدة يا اما هاجى اخدها من عندك اقراها براحتى :)

جسور سرية said...

ها ها ها ):
الجميلة سما و الله ضحكتيني
الظاهر بقي القصة دي حتجيب لي ضرب و خناقات
كل الناس بتقول لي يا تنزلي القصة دفعة واحدة و الا.........و الا دي طبعا ربنا وحده العالم حتكون اخرتها شنو بالضبط ):
اوعدك يا سيتي انزل الجزء الاخير بسرعة
مش لما يخمر في راسي الاول يا اخوانا و اعرف القصة نهايتها حتكون شنو و لا ايه ها ها ها
بالمناسبة مافي قصة حقيقية و رواية كلو علي بعضه كده قصص في قصص!!!
تحياتي للجميلة ناردين

كتابة said...

رائعة
جداااااااااااااااااااااااااااا

بانتظار تتمة المتعة

جسور سرية said...

العزيزة كتابة
شكرا جزيلا لاعجابك المفرط بالقصة
سأحاول ان اكملها في القريب العاجل باذن الله